ليس جديداً على السلطات الفرنسية والفئات المعادية للمسلمين في فرنسا أن تتفنن في اضطهاد المسلمين وفتنتهم عن دينهم، لكن الحادثة التي سنتطرق لها هنا أوصلت الأمر إلى سياق أبعد وحملت نموذجاً واضحاً لنظرة فرنسا إلى المسلمين وسلوكها المتوقع معهم على المدى البعيد. حيث تم فصل سائق مسلم من عمله، والتهمة هنا هي تأدية الصلاة لا أكثر ولا أقل!
أداء الصلاة جرم كافي لطرد مسلم من عمله
يروي المحامي سيفين جويز ل “وكالة للأناضول”، القضية موضحاً أن موكله يستخدم في هذه الأثناء اسمًا مستعار هو “أنيس” لأسباب أمنية تتعلق بسير قضيته، كما أنه لا يتمكن من الإدلاء ببيانات صحفية خلال النظر في الدعوى القضائية.
وحول ملابسات القضية أوضح جويز، أن موكله “عمل لفترة طويلة سائقاً في الحافلات المخصصة لنقل موظفي الخطوط الجوية الفرنسية من وإلى مطار شارل ديغول”.
وأضاف أن موكله “أدى الصلاة في الحافلة يوم 24 يناير/ كانون الثاني 2017 وهي فارغة من الركاب، وحين أراد موظفو الخطوط الجوية الفرنسية الصعود إليها وجدوا أبوابها مغلقة واضطروا إلى انتظاره حتى يفرغ من الصلاة”.
وأردف جويز، أن “أحد الموظفين غضب بسبب انتظاره أثناء أداء أنيس الصلاة وتقدم بشكوى ضده في مديرية الأمن (الشرطة) التي أوقفت اعتماده كعامل في المطار”.
وتابع أن “مدير شرطة المنطقة جدد بعد ذلك اعتماده للعمل في المطار عام 2018 تم ألغى قرار الاعتماد مرة أخرى وأوقفه عن العمل في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بالتزامن مع مقتل مدرس فلسفة فرنسي يدعى صموئيل باتي في فرنسا وبدء حملة استهداف المسلمين في البلاد”.
لفت جويز أيضاً، إلى أن موكله “أب لأربعة أطفال، وعمل في مطار شارل ديغول لمدة 16 عاما”. وبخلاف ما ادعى مدير الشرطة على أنيس بأنه “يمثل تهديدا للأمن” قال زملاؤه من العاملين في المطار، وفق جويز،” إنه مسلم عادي يؤدي واجباته الدينية ولا يمثل أي تهديد”.
وأشار جويز، إلى أن المحكمة “ستعلن قرارها النهائي في 25 مارس/ آذار الجاري”. وقال: “مدير الشرطة يعتبر أن المواظبة على أداء الصلاة بشكل يومي والتي هي واجب ديني تشكل تهديدا للسلامة العامة، فضلًا عن ربطه بين الصلاة والإسلام والإرهاب”. حيث وصف جويز تصرف مدير الشرطة بأنه “إسلاموفوبيا واضحة”.
القضية أكبر من كونها قضية فرد واحد
على الرغم من أن القضية قد تبدو بالنسبة للبعض متعلقة بالسائق المسلم شخصياً، إلا أنها في الواقع أكبر من ذلك بكثير. قد تضطر المحكمة تحت وطأة الزخم الإعلامي و “ضغط الترند” أن تتخذ قراراً متساهلاً مع المسلم البريء، لكن ما أوصل رجل مسلم إلى المحكمة فقط لأنه يصلي لن يتغير بهذه الطريقة، بل إنه قد يزيد.
لذلك فالمطلوب من المجتمع المسلم أن يكون أكثر وعياً من أن يصب جام تركيزه على حادثة واحدة، بل الأمر متعلق بسياسة كاملة ومبادئ معادية للإسلام جملةً وتفصيلاً بشكل صارخ. فقضيتنا قضية دين كامل يُنتهك، لا شعلة تعلو مع “الترند” وتخمد بخموده.
لذلك، ينبغي أن ندرك أن أحد أساليب الإعلام المعادي للإسلام هي إبراز قضايا محددة وإعطائها زخماً وشهرة، ثم يتم التعامل معها بشكل نموذجي من طرف الجهة المعتدية لإبراز صورة معينة مرادة أمام ملايين الناس التي وصلتها القضية، ويكون خلف الأمر عدد لا يحصى من عمليات الاضطهاد والإساءة التي لا تلقى نصيباً من “الترند”.
أما لو أصرت السلطات الفرنسية على التعامل مع هذا المسلم البريء بجاهليتها الظالمة، فسيكون ذلك إمعاناً في تحدي المسلمين والاستخفاف بهم.
المصدر: https://is.gd/zNEcEI